Thursday, September 3, 2015

Monday, August 31, 2015

الموسيقى والألحان فى الكنيسة القبطية نشأتها ومصادرها


الموسيقى والألحان قديمة قدم البشرية ذاتها ولقد تعلمها آدم الإنسان الأول من تغريد الطيور وحفيف الأشجار وسائر أصوات المخلوقات وأعتبر ذلك تسبيحا للإله خالق الكون.
ونشأت الآلات الموسيقية أيضا مع هذا الإنسان الأول فالتاسع من ذرية آدم كان يوبال بن لامك " الذى كان أبا لكل ضارب بالعود والمزمار" ( تك 4 : 21 ).
واللحن ما هو إلا كلمات موقعة على نغمات موسيقية سواء استخدمت فيه بعض الآلات أو بواسطة الآلة الطبيعية التى خلقها الله وهى الحنجرة.
الموسيقى المصرية القديمة
كان المصريون القدماء أول من استخدم الموسيقى والغناء فى سائر احتفالاتهم الدينية داخل المعابد حيث تقدم القرابين لألهتهم وخارجها كما كانوا يستعملونها فى أفراحهم ومأتمهم وساحات القتال بل واستخدمت الموسيقى والغناء كعلاج لبعض الأمراض النفسية . وهكذا أنبعثت الموسيقى تتردد فى الأرجاء ( موسيقى نسبة إلى آلهة الفن muse  ومنها اشتق لفظ Musica).
+ وكان للشعر الموزون مكانة عظيمة فى آداب مصر القديمة وكنموذج لذلك نرى :
أ- سخبر – إن ف أر أو تس خعو إف               /خلقهما ليرفع من بهائه
- خبرت خبرو إم خبر – رع                 /تخلق الكائنات مثل خبر – رع
- خعت خعو م أخوتى                         /وتزهو تيجانها مثل إله الشمس
*ويلاحظ هنا وزن حرف الخاء فى البيت الشعرى السابق.
ب- دى أن تى س إم ساحاك                  /أجلسهما خلفك لحمايتك .
- عاوى حم ئى حر حوت سحر زوت       /وذراعا جلالتى ترتفعا ليطردا الشر .
*وقد استخدم حرف الحاء فى التكرار لوزن البيت السابق
وإذا كانت ألحان الموسيقى المصرية غير واضحة لنا ، فذلك يرجع إلى أن الكهنة قد درجوا على كتمان سر هذا الفن حرصاً منهم ، غير أن الموسيقى القبطية تنهض على أسس الموسيقى المصرية القديمة وأكد ذلك جميع علماء المصريات السالفين واللاحقين فهى المظهر الباقى لهذا الفن المصرى الأصيل.
ومن أحدث البحوث ما قام به فريق من العلماء فى تخصصات الموسيقى والآثار والكمبيوتر عام 1991 على آلات النفخ المحفوظة بالمتحف المصرى بالقاهرة ، وأثبتوا أن المصريين هم أول من اكتشفوا السلم الموسيقى الخماسى pentatonic scale  الذى استعمل فى عصر الدولة القديمة (2686 – 2160 ق.م) ثم طوره مع بداية عصر الدولة الحديثة (1559 – 1085 ق.م) إلى السلم الموسيقى السباعى seven mote scale  ووفقا لهذا التقرير فإن قدماء المصريين هم أول من عرف السلم الموسيقى وأن ما ادعاه فيثاغورث باكتشافه هذه السلالم الموسيقية إدعاء باطل .
يذكر ديمتريوس الفاليرى – أول أمين لمكتبة الإسكندرية – فى عام 290 ق.م أن كهنة مصر يسبحون آلهتهم من خلال السبعة الحروف المتحركة التى كانوا يأخذون فى الغناء بها الواحد تلو الآخر ، وكان ترديدهم بهذه الحروف المتحركة ينتج أصواتا عذبة.
يؤكد ذلك أيضا نيكوماديس – العالم الرياضى - من القرن الأول الميلادى أن أصوات كل واحد من السبعة كواكب التى كانت معروفة فى ذلك الوقت ينتج صوتا لحرف من الحروف السبعة .
من بين تلك الألحان القديمة لحن غولغوثا الذى كان يستعمله قدماء المصريين أثناء عملية التحنيط وفى مناسبة الجنازات ولحن بيك أثرونوس الذى نصفه يشتمل على نغمات حزينة تردد لوفاة الفرعون ويشتمل النصف الآخر على نغمات مبهجة تردد لتنصيب الملك الجديد .
نشأة الألحان القبطية
يذكر فيلو المؤرخ اليهودى الإسكندرى فى منتصف القرن الأول الميلادى "أن جماعة المسيحيين الأول أخذوا ألحانا من عبادتهم المصرية القديمة ووضعوا لها النصوص المسيحية " وينقل يوسابيوس القيصرى عن فيلو أيضا فى مؤلفة تاريخ الكنيسة ( فقرة 13 ) وهكذا لا يقضون – المسيحيين – وقتهم فى تأملات فحسب بل أيضا يؤلفون الأغانى والترانيم لله بكل أنواع الأوزان والألحان ويقسمونها بطبيعة الحال إلى مقاييس مختلفة"
وفى القرن 14م يذكر أبو البركات ابن كبر فى كتابه "مصباح الظلمة فى إيضاح الخدمة" - الباب 24 – "وأما السبب العقلى فان الآباء القديسين الرسل لما بشروا الأمم فقبل أولئك دعوتهم وآمنوا على أيديهم ، لم ينزعوا منهم كل عوايدهم بل ما كان موافقا بقوه وما كان غير موافق أبطلوه .. وإذا اجتمعوا رسم الحكيم للموسيقى أن يضرب بالآتة ويخالف ضروبه فإذا سمع الصبيان تلك الألحان وفعلت فى أمزجتهم أمسك بيد واحد واحد منهم".
وكانت الألحان والموسيقى تدرس فى مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ، يقول القديس غريغوريوس أسقف قيصرية عن أستاذه أوريجانوس (185– 254م) انه كان يعلمنا مع اللاهوت الفلسفة وعلوم الطبيعة والمنطق والرياضة والفلك والموسيقى.
ولقد كانت التسابيح الأولى مقتبسة من المزامير المترجمة، وربما كانت الترجمة القبطية للمزامير مأخوذة عن النسخة العبرية المسماة بالماسورية Massoretic  التى استخدمها يهود الإسكندرية النساك قبل تحولهم إلى المسيحية وعنهم استلم الأقباط ما يلى:
أ- طريقة الترنيم بالأنتيفونا - antiphona - أى المجاوبة الصوتية وهو نظام الخورسين قبلى وبحرى يرد كل منهما على الآخر.
ب- طريقة التسبيح بالناى ( المزمار Flute  ) فى اجتماعاتهم العامة ( الأغابى ) وقد ظل الأقباط يستخدمون الناى حتى عام 190 م حينما أوقف أكليمندس الأسكندرى استخدامه واستبدله بالناقوس Cymnalon، ويلاحظ أن الناى كان ممنوعا استخدامه داخل الهيكل وإنما كان من استخدام الشعب فى الحفلات خارجه ومن هنا بطل الناى فى اجتماعات الأغابى ولم يدخل فى العبادة داخل الكنيسة.
* أما أقدم الألحان وواضعيها فهم:
1- إكليمندس الإسكندرى (حوالى 180م) دون لحنا بآخر كتابه Paedagus- المربى- بعنوان "شكراً للسيد المسيح" أو (تسبحة المسيح المخلص) وجاء باللحن "ملجم الحيوانات المفترسة، جناح الطيور الصغيرة، دفة السلام للسفن ... جمع أولادك البسطاء ليسبحوا بقداسة … إلخ" وكان يتلى أثناء طقس العماد.
2- لحن لعيد الصليب ، بمناسبة العثور على صليب الصلبوت عام 326 م وجاء فيه "إغلقوا أبواب البرابى وأفتحوا الكنائس" وكانت توجد ألحان أخرى تثبت قدمها لهذا العصر كالشارات الشعانينى وطرح الشعانين ولحن طرح الصليب. وكان مديح للصليب المقدس وجد بالنوبة (باللغة اليونانية والنوبية).
3- يذكر أيضا أن ديديموس الضرير المعاصر للبابا أثناسيوس الرسولى كان من واضعى الألحان ويقال أن أثناسيوس نفسه هو الذى وضع لحن أومانوجانيس . وربما وضعت ألحان تتضمن مفاهيما عقائدية رداً على ترانيم أريوس الهرطوقية.
4- سينوسيوس القيروانى، ولد عام 370 م قدم إلى الأسكندرية وتتلمذ لهيباثيا (الفيلسوفة الوثنية) ثم ذهب إلى أثينا، ثم عاد إلى الإسكندرية مرة أخرى وسامه البابا ثاؤفيلس أسقفا على الخمس مدن الغربية، وقد ألف عشرة ألحان عن :
1- الثالوث القدوس            2-تسبحة الصباح             3،4-  التثليث والتوحيد
5،6- عن ابن الله المولود من العذراء
7- عن زيارة المجوس وشرح هداياهم، وفيه يذكر بافتخار أنه أول من وضع لحناً عن السيد المسيح ينشد على القيثارة.
5- القديس مار إفرام السريانى (306– 373م) ويلقب بقيثارة الروح القدس وبظهوره دخلت الألحان الكنسية فى جميع الشرق عصرا جديدا فبقدر ما كان متعمقا فى الروح هكذا كان فى الألحان لأنه كان يعيش فيها . وهو أول من أدخل التنوع وضبطه كما أنه أستفاد من موسيقانا القبطية إذ أن اوزانه الشعرية يقع على وزن الخمسة والسبعة مقاطع . وتتميز ألحانه بقصر مقاطعها وتحديد اوزانها مما يسهل حفظها.
6- أما أقدم لحن مسيحى فى العالم مدون على نوته موسيقية فهو لحن " أكسورينكس " أى لحن البهنسا وقد وجد بتلك المدينة وهو عبارة عن بردية  ترجع للقرن الثانى الميلادى وقد وجد اللحن موقعاً على إشارت موسيقية ، وقد فك رموزه العالم الموسيقى فلز Egon Welles  وقام بنقله على النوتة الحديثة الموسيقى الألمانى الشهير فاجنرWagner.
وقد دون هذا اللحن باللغة اليونانية ( حيث الثقافة السائدة فى ذلك العصر ) ولكنه ليس يونانى الأصل كما يدعى البعض ، إذ أن  تكرار لفظ آمين يثبت ذلك لأنها من طقس ذوكصولوجية المزامير الأصلى فى القبطية ، كما أن توقيع الصوت فى الأصول اليونانية يلتزم بنغمة واحدة One tone.
* المرتلون كان قدماء المصريون يفضلون استخدام المغنين من كفيفى البصر ، وهذا ما كانت تتبعه كنيستنا على مدى الأجيال فى اختيار معظم مرتليها – العرفان – وأنشات لأجلهم معهد ديدموس لتعليمهم الألحان.
والمرتل هو إحدى درجات الشموسية (أبصلتيس) والعريف يكون بمثابة أرشى ابصلتيس أى رئيسا للمرتلين.
* الناقوس (الدف)KEMKEM
هو آلة مصرية قديمة من الآلات الإيقاعية وأيضا آلة موسيقية عبرانية والإسم أيضا مشتق من العبرية toph  فالنص العبرى للمزمور 150 يقول " ها ليلا أو هو بى توف أو ما شول " أى سبحوه بدف سبحوه بأوتار ومزمار. وكما علمنا سابقا من استخدام مريم أخت هارون للدف فى مصاحبة أثناء نشيدهم وتهللهم بنجاتهم من عبودية فرعون.
ألحاننا القبطية الحالية :-
ولقد تبقى لنا فى كنيستنا الآن نحو 150 لحناً هاماً وما يزيد عن 130 لحناً قصيراً. وكان آخر من وضع الألحان هو البابا كيرلس الرابع (أبو الإصلاح) إذ قام بتأليف بعض الألحان الصغيرة باللغة اليونانية لعيدى الميلاد والقيامة. وذلك فى إطار مشروع الوحدة بين الكنيستين القبطية واليونانية.
أما آخر لحن فهو "يا كل الصفوف السمائية " وقد وضع باللغة العربية ، فهو اللحن الوحيد الذى لا يوجد له أصل قبطى يستند إليه، وربما تمت إضافته إلى ألحاننا فى القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين.
وعموما لو دققننا لوجدنا أن كافة أنواع التسبحات والألحان فى الكنيسة منحصرة فى جمل إيمانية وعبارات عقائدية لاهوتية تحمل صورة كاملة لفكر الإنسان وإيمانه عن طبيعة الله .
   
                                                                             د. عاطف نجيب
                                                                         مدير عام المتحف القبطي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لزيارة صفحة المتحف القبطى 

Thursday, August 27, 2015



ينظم المتحف القبطى معرضاً للموسيقى والتراث بعنوان تراث وألحان وذلك فى ضوء أهتمام المتحف بالموروث الحضارى و الثقافى فى المجتمع المصرى و الرغبة فى التعرف على حضارتنا العريقة من خلال ما نقوم به فى حياتنا اليومية دون إدراك أن هذا جزء لا يتجزأ من تاريخنا و حضارتنا ، وتم عمل هذا المعرض لتبيان أهمية الموسيقى بالنسبة لنا كمصريين و دورها فى حياتنا قديماً وحديثاً وتسليط الأضواء على أثار و رموز موسيقية كانت بمثابة نقطة تحول فى تراثنا وموسيقانا وألحاننا ، وذلك فى الفترة من 1 سبتمبر وحتى 15 سبتمبر 
2015

. معرض "تراث و ألحان"